تحطمت الأرقام القياسية العقارية في عام 2022، حيث أظهرت أحدث الأرقام في سوق العقارات السكنية في أبوظبي أن حجم المبيعات ازداد بنسبة 54% في عام 2022، بحيث وصلت قيمته إلى 14.95 مليار درهم من أصل 5,886 صفقة (وهي زيادة بنسبة 46%) .
شهد الطلب حالة من الازدهار بفضل الاهتمام الكبير من المستثمرين الدوليين في سوق البيع على الخارطة، وقد ساعدت قوة الطلب والشراء وعروض الأسعار في سوق السلع الفاخرة في تعزيز حركة السوق. واعتلت جزيرة ياس القائمة، باعتبارها الأعلى قيمة بين المعاملات على الخارطة، وتصدرت جزيرة السعديات أكثر المواقع تداولا على أساس القيمة.
وعلى الرغم من التحديات العالمية، حافظت المنطقة على مكانتها بوصفها سوقًا عقاريًا ووجهة استثمارية عالمية، حيث شهدت الاستثمارات طويلة الأجل نقلة نوعية بفضل الثقة الكبيرة في اقتصاد الدولة القوي. وقد رفع البنك المركزي لدولة الإمارات العربية المتحدة سقف توقعاته للنمو الاقتصادي للدولة في عام 2022، حيث توقع نمو الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 7.6%. وعلى الرغم من تعديل هذه النسبة وخفضها في عام 2023، إلا أنه لا يزال من المتوقع أن يصل إلى نحو 4%.
ويظل السؤال قائمًا عمّا إذا كان بإمكان أبوظبي والإمارات العربية المتحدة مواجهة الاتجاه الذي تتخذه العقارات، والذي يُظهر علامات التباطؤ في الغرب، حيث بدأ ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم في التأثير بشكل سلبي على أسواق الإسكان. وهناك عدة أسباب تجعلنا نتوقّع حدوث ذلك.
تؤثر أسعار الفائدة على المشترين بدرجة أقل في الإمارات العربية المتحدة، حيث تعتمد غالبية المعاملات على النقد. وتعد الإمارات العربية المتحدة نقطة جذب لأصحاب الملايين، حيث أشارت التوقعات إلى تدفق نحو 4000 فرد من أصحاب الثروات الفائقة إلى البلاد العام الماضي – أكثر من أي دولة أخرى. وقد أدّى إعادة فتح الصين بعد رفعها للقيود المرتبطة بجائحة فيروس كورونا إلى دعم المبيعات. والجدير بالذكر، وعلى النحو الظاهر من الصورة التوضيحية، فإنه لا توجد أي علامة على وجود فقاعة إسكان (ظلت أسعار الفلل ثابتة في العام الماضي وذلك على سبيل المثال دون حصر). كما أن متوسط الأسعار لم يرتفع بسرعة فائقة أو بمستويات غير مستدامة. ولا ينبغي أن يكون هذا أمرًا مفاجئًا، نظرًا لمدى الكساد الذي حل بسوق الإسكان في الإمارات العربية المتحدة لعدة سنوات بعد عام 2014.
لم يتغير مشهد النمو العقاري طويل الأجل في أبوظبي، وذلك نظرًا للعديد من المبادرات الرئيسية التي تهدف إلى تحويل المنطقة من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد مستدام. ومن المتوقع أن يزدهر القطاع ويستفيد من “الاستراتيجية القطاعية” التي تقودها الحكومة، والتي تستثمر 10 مليارات درهم إماراتي لزيادة ومضاعفة حجم قطاع التصنيع في أبوظبي ليصل إلى 172 مليار درهم إماراتي، وتوفير 13600 وظيفة تعتمد على العمالة الماهرة وزيادة فرص العمل للعمالة الآخرين.
كما سيحظى القطاع بالدعم من خلال استراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، والمعروفة باسم (مشروع 300 مليار)، حيث تنطوي هذه المبادرة على بنية تحتية وعقارات تقرب قيمتها من 1 تريليون دولار وذلك من خلال “المشاريع الضخمة” المخطط لها بالفعل في جميع أنحاء المنطقة، حيث تتطلع الحكومات إلى تحقيق تحول اقتصادي واجتماعي ليس له مثيل.
يمثل المشهد الاقتصادي العالمي تحديًا، لكن ثمة توقعات إيجابية بشأن العقارات السكنية في أبوظبي. فهي بمثابة موقع فريد يمتاز بالعزلة عن العواصف التي تؤثر على غالبية أرجاء العالم، وهذا يعني عامًا آخر يمتاز بالقوة.